العبور الى الدولة (من المعاناة الى المواطنية)، منشورات المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم، 2، بيروت، 1992، 278 ص
ان دعوة اختصاصيين من مختلف المجالات لدراسة سياق بناء الدولة في
لبنان انطلاقًا من تجربة ذاتية هو بحد ذاته تجدد في منهجية الابحاث التي
تتعلق بالشأن العام في لبنان. ان الدولة التي تعلمها اللبنانيون في كليات
الحقوق والعلوم السياسية لم تترسخ في الاذهان وفي الممارسات. ان نقل نماذج
عن الغير مهما كانت فاعلة في محيطها، قد يكون عامل اغتراب وقد يسيء الى
مفهوم الدولة وقدرتها وفعاليتها ووظيفتها بالنسبة الى مجتمع اكثر تشابكًا.
الدولة هي محور الشأن العام ولذا تتطلب الابحاث والمناقشات جهدًا خاصًا للتركيز على الدولة في كونها سلطة تحتكر القوة المنظمة.
تتمحور الابحاث حول اشكالية الدولة بفضل مقاربات متعددة الاختصاصات
وكسبيل في ارساء سلم مدني ثابت. يطرح الموضوع امورًا نظرية تتعلق بالشؤون
التالية:
- النمط اللبناني في البناء القومي والوحدة الداخلية.
- العلاقة والحدود بين الدولة والطوائف.
- كيفية ادراك اللبنانيين للسلطة المركزية.
- ما افرزته الحروب في لبنان والتجربة اللبنانية المتراكمة من مظاهر تعبر عن وظيفة الدولة كرابط بين اللبنانيين.
ويطرح الموضوع امور تطبيقية في مجال ترجمة الابحاث الميدانية والنظرية وابعادها الحضارية الى تنظيم وممارسة وسلوك.
وتتمحور الابحاث حول امور محددة في مكونات الدولة:
سلطة، انتاج وشرعية قيادتها، دور عاصمتها، مواردها الضريبية، ادراك المواطن
لها، بنيتها المؤسسية من رئاسات ومجلس نيابي وجيش وقضاء، وتواصلها مع
المواطنين والهيئات التي تعبر عن مصالحهم. وتطرق المشاركون الى اشكالية
الدولة اللبنانية في النظام الاقليمي والدولي المعاصر انطلاقًا من التجربة المتراكمة وتوضيحًا لدور ومكانة وكنموذج في الحياة المشتركة والتفاعل بين الاديان.
***
ما هي المجالات البحثية والعملية لبناء علم للدولة في لبنان؟
ما هي ميزات الدولة في اطار حكومات قائمة على المشاركة في الحكم وتاليًا على سياسة التسوية التفاوضية والائتلاف؟
اين تكمن معضلة العلاقة بين الدولة والطوائف؟
كيف تكون الدولة مركز استقطاب وتفاعل بين المواطنين؟
ما هي صورة الدولة في الادراك اللبناني وفي ما انتجته التجربة منذ 1975 وما تنقله وسائل الاعلام والتنشئة؟
ما هي الصورة التي تعطيها سلطة الدولة عن نفسها من خلال تعاملها مع
الجيش وقيادتها وحكمها وقضائها وادارتها واعلامها وخدمتها اليومية ورموزها
في الحياة العامة؟
***
لا بد للبنان ان يبتكر حلولاً كي يصبح ليس مضرب مثل للاهوال، بل مثالاً يقتدى به لحلول فرضتها التجارب التي عاشها.
الدولة مشروع بناء مستمر وقد تكون الدولة الجاهزة للتسلم مع مفاتيحها دولة جاهزة ايضًا للاستسلام لانها من صنع الآخرين.