صدرت في منشورات المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم أعمال السنة
الثانية لبرنامج: "مرصد التشريع في لبنان" بعنوان: القواعد الحقوقية في
الصياغة والسياسات التشريعية (إشراف انطوان مسرة، المكتبة الشرقية، 2006،
624 ص).
يتضمن الكتاب وقائع أربع ندوات وعدة ورشات عمل، بالتعاون مع
جمعيات أهلية في كل المحافظات ومداخلات بعض الوزراء والنواب المشاركين
منهم: ميشال فرعون، فريد مكاري، وليد عيدو، بطرس حرب، روبير غانم، غسان
مخيبر، محمد قباني، جواد بولس، ابراهيم الضاهر، عادل قرطاس.
التنسيق والشفافية
تتركز
المداخلات حول التنسيق والشفافية في التشريعات، والإطار الحقوقي لإنشاء
الأحزاب، وآليات الصناعة التشريعية، والتأقلم والتجدد في العمل التشريعي،
ووسيط الجمهورية، وبناء السياسات العامة من خلال التشريع.
يتصدر الكتاب إهداء لجبران تويني الذي "أحيا الثقة بالأصالة والتجدد في المجلس النيابي".
وتحدد المقامات إطار البرنامج وأهدافه (انطوان مسرة، حسن القواس، واصف الحركة، ابراهيم طرابلسي، عباس الحلبي).
يتضمن
الباب الأول دراسات بعنوان: "إعادة الاعتبار إلى المعايير في الصياغة
والسياسات التشريعية" (انطون مسرة، طوني عطالله، بول مرقص). وتشمل الأبواب
الأخرى وقائع الندوات التي عقدت في طرابلس وصيدا وزحلة وبيروت، بالتعاون مع
الرابطة الثقافية في طرابلس، وبنك بيروت والبلاد العربية BBAC، والجمعية
اللبنانية للعلوم السياسية، ومنتدى التنمية والحوار، والمجلس الأعلى
للطفولة ومعهد حقوق الإنسان في نقابة المحامين في بيروت، وبلدية زحلة ـ
معلقة، والجمعية التراثية للحفاظ على الأبنية القديمة والمواقع الطبيعية،
ونادي روتاري المتن الأعلى.
في مجال دعم مساهمة النقابات والهيئات
المهنية في لبنان في السياسات التشريعية وردت في الكتاب أعمال تطبيقية
لطلاب في الدراسات العليا صحافة في الجامعة اللبنانية وطلاب قسم إدارة
الموارد البشرية في جامعة القديس يوسف حول دور النقابات والهيئات المهنية
في التشريع (ميشيل ضومط، ميشلين أبو خاطر كروم، غنوة فخر الدين، جمان حطب،
سوزان عطالله، نادين الحلو، كارمن بخاش، مايا كامل، شيرين جنيد).
ومن
المساهمات البارزة تلك التي تتعلق بالكوتا النسائية (دلال سلهب وطارق
زيادة)، وتشريعات الطفولة (ايلي مخايل، اميل اسكندر، ريمون شديد، رالف
رياشي، حسين ماجد، سناء عواضه)، والعمل البلدي (اسعد زغيب) وتشريعات وزارة
الثقافة (عمر حلبلب)، وفصل الوزارة عن النيابة (نعمة الله ابي نصر)، وحقوق
الطفل (اليس كيروز سليمان). وفي الكتاب وقائع الندوة حول "تشريعات الطفولة"
التي عقدت بالتعاون مع المجلس الأعلى للطفولة (ص 329 ـ 428).
فاعلية القوانين
ورد
في تقديم الكتاب بقلم الدكتور انطوان مسرة: "لا يتخطى البرنامج صلاحيات أي
مؤسسة عامة أو خاصة. من واجب المجتمع أن يكون معنياً بما يُعد له من
تشريعات، لكن المجتمع اللبناني لا يهتم كفاية بهذا الموضوع، وبخاصة الهيئات
المهنية والنقابات.
خلال ثلاثين سنة حصل تدهور في الثقافة الحقوقية وفي الممارسة، وتالياً في نوعية التشريع الذي قد يأتي كالفتات ودون تنسيق.
حمانا
الله من القوانين في البلدان حيث الديموقراطية غير مكتملة وفي البلدان
التي تفتقر الى روحية الشرائع. الأنظمة الاستبدادية لديها أيضاً قوانين.
أطلقنا
عبارة القاعدة الحقوقية. إنها الترجمة الصحيحة للتعبير الأجنبيR?gle de
droit / Rule of law /. سبب ذلك أن ما يوفر شرعية القانون هو انسجامه مع
العدالة والحقوق وصفته المعيارية.
قد يستعمل القانون في عدالة
انتقائية وللانتقام السياسي ولوضع تشريعات على مقاس فئات وأشخاص، بينما
القاعدة الحقوقية هي ناظمة للحياة العامة. في حال عجز المواطن عن تأجير أو
بيع أرض أو شقة يملكها، أو كانت أسعار عقاره متدنية، فهناك سبب لذلك على
علاقة بالقاعدة الحقوقية، لأن العقار قائم في حي تفوح منه روائح كريهة،
طرقاته محفرة، والخدمات العامة فيه غير مؤمنة....، أي أن القوانين غير
مطبقة. وفي حال كان ابنك لا يتعلم جيداً في المدرسة الرسمية، فسبب ذلك عدم
تطبيق عدد من القواعد في المدرسة. لدى اللبناني شعور بأن القوانين تخص
الحكومات والمجالس النيابية، بينما هي قضية كل مواطن. إننا تالياً ننظر الى
التشريع من ناحية الناس.
القاعدة الحقوقية هي ضمانة للعيش معاً استناداً إلى قاعدة، وهي ضمانة لحل الخلافات سلمياً، وهي ضمانة لنوعية الحياة.
أدى البرنامج الى نشر درجة أكبر من الوعي وإلى التركيز على الأسس والمبادئ الحقوقية.
ليس الموضوع بسيطاً، إذ ننجرف غالباً نحو التفاصيل على حساب الأسس التي توجه التفاصيل.
من النتائج السلبية لعدم التناسق في السياسات التشريعية والتطبيق الإداري لها:
1 ـ التضخم التشريعي على حساب النوعية.
2 ـ التشريع بالفئات.
3 ـ التشريع المعرض للنقد وللتعديل المتكرر بسبب انتفاء الأسباب الموجبة
عدم الارتكاز على معطيات وضعية وعلى معايير حقوقية اجتمعت عليها الشرعات
الدولية لحقوق الإنسان والاجتهادات الدستورية والقضائية.
4 ـ
التلاعب الإداري الداخلي بالقانون، دون أطر تفسيرية داخلية عامة وناظمة مما
يؤدي إلى المس بالمبدأ الروماني: لا عذر لأحد في جهل القانونٍNemo
censetur ignorare lege .
يعني هذا المبدأ في اجتهادات معاصرة ضرورة
ممارسة جهد من السلطات التشريعية والسلطة التنفيذية معاً في تجنب التشتت
في التشريع، وتحقيق الأمان التشريعي، والبلوغية والشفافية في التشريعات،
ضمن قواعد معيارية على كل مستويات الصياغة والنشر والتطبيق".
***
يتابع البرنامج أعماله خلال 2006 ـ 2007 التي ستصدر في جزء ثالث سنة 2007.